• النفط الأمريكي عند أدنى مستوى منذ 2009 43.57 دولار للبرميل

    17/03/2015

    ​ بسبب تخمة المعروض وارتفاع المخزونات
     النفط الأمريكي عند أدنى مستوى منذ 2009 .. 43.57 دولار للبرميل
     
     
    بعض الدول المستهلكة استغلت هبوط الأسعار لتكوين مخزون نفط استراتيجي.
     
     

    سيطر الانخفاض على أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية في مستهل تعاملات الأسبوع الجديد أمس، في الوقت الذي اعتبر مراقبون أن السوق تتأثر حاليا وبشكل أساسي بارتفاع مستوى المخزونات وتنامي قوة الدولار الأمريكى.
    وقال مختصون نفطيون إن معدلات الإنتاج والمخزونات الأمريكية من النفط الخام ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة عقود، في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة تراجعا في الطلب يظهر من خلال ارتفاع مخزونات النفط الخام إلى مستويات قياسية.
    وفقا لـ"رويترز"، هبط سعر مزيج برنت الخام أمس إلى نحو 54 دولارا للبرميل وهو أقل مستوى فيما يزيد على شهر بفعل ارتفاع المخزونات العالمية ومؤشرات على احتمال التوصل لاتفاق نووي مع طهران قد يسمح بزيادة صادرات إيران.
    وتأمل القوى الغربية أن تقدم طهران تنازلات تتيح التوصل لاتفاق في المحادثات النووية في الأسبوع الجاري بعد أن أبدت القوى العالمية استعدادها للتوصل إلى حل وسط بشأن تعليق العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة.
    وتراجع سعر مزيج برنت تسليم نيسان (أبريل) 1.34 دولار إلى 53.33 دولار للبرميل وهو أقل مستوى له منذ أوائل شباط (فبراير) لكنه تعافى فيما بعد إلى 54.20 دولار مرتفعا 47 سنتا.
    ونزل الخام الأمريكي إلى 43.57 دولار في التعاملات المبكرة وهو أدنى مستوى له منذ آذار (مارس) 2009 ثم تعافى إلى 44.50 دولار، وتراجع العقدان على مدى الأسبوعين الماضيين مع تنامي الدلائل على أن تخمة الإمدادات تقود لزيادة سريعة في المخزونات.
    وقال لـ "الاقتصادية"، بيتر فنش المختص النفطي، إن ارتفاع المخزونات إلى مستويات قياسية وضعف الطاقة التخزينية يعد السببين الأبرزين للتراجع الحالي في الأسعار بالتوازي مع تنامي قوة العملة الأمريكية، مشيرا إلى أن السوق لم يستقر بعد ومن الصعب العودة إلى مرحلة الانخفاضات الحادة والمتواصلة السابقة.
    وأوضح فنش أن العوامل السابقة كان تأثيرها أكبر من توقف الحفارات الأمريكية الذي توقع الكثيرون أن تقود إلى ارتفاعات متلاحقة ويبدو أن تأثيرها لم ينعكس بشكل كامل على السوق حتى الآن على الرغم من تزايد أعداد الحفارات المتوقفة لافتا إلى تقرير لبنك جولدمان ساكس يؤكد فيه انخفاض أعداد منصات الحفر بالولايات المتحدة ويشير إلى تراجع إنتاج النفط الأمريكي في الربع الثاني.
    وأشار فنش إلى أن شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية ذكرت أن عدد المنصات العاملة في الولايات المتحدة انخفض بواقع 56 منصة الأسبوع الماضي إلى 866 منصة وهو ما اعتبره جولدمان ساكس مؤشرا على أن العدد الحالي لمنصات الحفر يقود إلى تراجع طفيف للإنتاج الأمريكي خلال الربع الثاني.
    وأضاف فنش أن عودة الانخفاضات لأسعار النفط الخام ستؤدي إلى زيادة الضغوط على ميزانيات الدول المنتجة وعلى الخطط الإنتاجية والاستثمارية للشركات، مشيرا إلى تقرير صدر عن مجلس البترول العالمي يؤكد أن الأسعار المنخفضة ستؤدي إلى تقليص الإنتاج والاستثمارات.
    من جهته، قال لـ "الاقتصادية"، بيتر تراوبمان المحلل النفطي، إن الاستثمارات النفطية تواجه صعوبات واسعة منذ بدء الانخفاضات الحادة في أسعار النفط في حزيران (يونيو) الماضي وهو ما أدى إلى تأجيل الكثير من خطط التنقيب الجديدة خاصة المرتفعة التكلفة سواء في المياه العميقة أم من الصخور وبالتالي وجدنا أزمة حادة تواجه عديدا من منتجي النفط الصخري بصفة خاصة.
    وأضاف تراوبمان أن التوسع في التخزين خلال الفترة الماضية هو الذي قاد إلى الانخفاضات الجديدة بعد وصول المخزونات لأقصى طاقاتها، حيث أفادت التقارير والإحصائيات الاقتصادية بتضاؤل الطاقة الاحتياطية لتخزين النفط الفائض فضلا عن استمرار تنامي قوة الدولار الأمريكي على حساب بقية العملات الأخرى.
    وأوضح تراوبمان أن تقلص الاستثمارات بات حقيقة واقعة لأن أسعار النفط الآن أقل من المستوى الذي يسمح للشركات بالتنقيب والإنتاج في عديد من الأماكن، وأن عودة الانخفاضات ستصب من جديد في صالح الدول المستهلكة التي تمثل تلك الانخفاضات دعما جديدا لاقتصاداتها وخفضا لفواتير استهلاكها من الطاقة، وقد نجحت الصين أحد أكبر المستهلكين في العالم في استغلال هبوط الأسعار من خلال تكوين مخزون نفط استراتيجي.
    وأشار تراوبمان إلى أن المشترين للنفط بغرض التخزين وصلوا إلى مرحلة التشبع وعدم القدرة على إضافة طاقة تخزين جديدة إلا في وقت لاحق من العام بما يقلص الحاجة لاستيراد الخام في الأجل القريب وبالتالي يضعف الطلب ويقود إلى انخفاضات جديدة في الأسعار.
    ويرى الدكتور إبراهيم عزت، المحلل النفطي، أن سوق النفط تواجه تغيرا حقيقيا وجذريا في منظومة العمل بعد الطفرة التي حدثت بدخول منتجين جدد وتنوع المصادر واشتداد المنافسة في أسواق الاستهلاك؛ لذا من المتوقع استمرار المستويات المنخفضة بشكل عام للنفط مع إمكانية التحسن التدريجي في الشهور القادمة.
    وأضاف عزت لـ "الاقتصادية"، أن منظمة أوبك استوعبت جيدا تلك المتغيرات وتتعامل برؤية مستقبلية مع ظروف السوق؛ لذا فقد رتب الكثير من المنتجين ظروفهم على التأقلم مع المستويات المنخفضة لأسعار النفط وركزت المنظمة على حماية الحصص السوقية ومواجهة المنافسة الشرسة مع المنتجين من خارجها.
    وأشار عزت إلى أن أبرز ملامح الخطة المستقبلية لأوبك بحسب مصادر مسؤولة بها، أنها تعتزم إنفاق ما يزيد على 270 مليار دولار لتنفيذ 117 مشروعا نفطيا حتى عام 2018 وتستهدف تعزيز الصناعات البترولية وتأمين مصادر الطاقة وضمان انسياب الإمدادات من النفط الخام إلى المستهلكين والتأثير الإيجابي في استقرار الاقتصاد العالمي وضمان نموه.
    وأضاف عزت أن موازنات دول الخليج والمراكز المالية للشركات الخليجية ما زالت قوية وقادرة على امتصاص صدمة تراجع الأسعار والمضي قدما في برامجها التنموية، مشيرا إلى إعلان شركة البترول الكويتية العالمية أخيرا أن الاستثمارات في مصافي النفط الداخلية والخارجية لن تتأثر بانخفاض أسعار النفط وأن مشاريع الشركة الطويلة الأجل لا تتأثر بأحداث مرحلية.
    وقدر بنك سوسيتيه جنرال أن المخزونات العالمية ترتفع بمعدل 1.6 مليون برميل يوميا وتوقع أن تتسارع الوتيرة إلى 1.7 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من العام، وقال مايكل ويتنر المحلل النفطي في سوسيتيه جنرال، إن أسواق النفط شهدت موجة ضعف جديدة في الأسبوع الماضي ونتوقع أن تستمر.
    واستغلت الصين هبوط الأسعار لتكوين مخزون نفط استراتيجي لكن محللون يقولون إنه لن يتاح لها طاقة تخزين إضافية جديدة إلا في وقت لاحق من العام وهو ما يقلص الحاجة لاستيراد الخام في الأجل القريب.
    ومن المعروف أن المخاوف تتزايد من استمرار المخزونات الأمريكية من النفط الخام في الارتفاع إلى مستويات قياسية الأمر الذي يدفع المخازن إلى الامتلاء مما يسبب ضغطا جديدا على قطاع النفط في الولايات المتحدة وهي المستهلك الأكبر للنفط في العالم.
    وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أعلنت عن توقعاتها بارتفاع مستويات إنتاج النفط خلال عام 2015 في الولايات المتحدة، حيث فشل انخفاض إنتاج المصافي النفطية وتوقف بعضها عن العمل في الخفض من مستويات الإنتاج المتوقعة في الولايات المتحدة التي كانت السبب الرئيس في انخفاض أسعار النفط الخام بنسبة 50 في المائة من قيمته العام الماضي.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية